تتزايد أهمية المدن المستدامة الذكية في العصر الحديث، حيث تعمل على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة للسكان. في هذا المقال، سنأخذك في جولة حول أفضل المدن المستدامة والذكية حول العالم ونسلط الضوء على استراتيجياتها وابتكاراتها المميزه والملهمه. سنلقي نظرة على مدن مثل كوبنهاجن في الدنمارك وسنغافورة وريكيافيك في أيسلندا وبرلين في ألمانيا وغيرها من المدن التي تقدم نموذجًا للتنمية المستدامة والاستدامة البيئية. سنكشف عن استراتيجيات تلك المدن في مجالات مثل الطاقة المتجددة والنظيفة والتنقل والبنية التحتية الذكية وإدارة النفايات وغيرها، وكيف يمكننا تطبيق تلك الاستراتيجيات في مدننا الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، سنكشف عن المدينة الأكثر استدامة في العالم والجهود التي تبذلها للحفاظ على البيئة. انضم إلينا في هذه الرحلة لاستكشاف أفضل المدن المستدامة والذكية حول العالم واستلهم الابتكارات والاستراتيجيات التي يمكننا تبنيها لجعل مدننا أكثر استدامة وعقلانية وتدعم الاقتصاد والبيئة والمجتمع والصحة النفسية والجسدية.
يتزايد نمو المدن في جميع أنحاء العالم وبمعدلات سريعة، و مع استمرار النمو المتزايد لسكان العالم ، أصبحت المدن تواجه ارتفاعًا كبيرًا في عدد قاطنيها أكثر بكثير مما تم تصميمها لإستيعابه ،خصوصاً وأنه من المتوقع ان يتضاعف عدد سكان بعض المدن حول العالم بحلول عام 2050.
تخيل أن يصبح فى مدينتك ضعف عدد السكان،مع الأخذ فى الاعتبار ان التطور المصاحب لهذا التزايد لا يتم غالباً تنفيذه بشكل مستدام ولا يظهر أي رحمة لموارد كوكب الأرض المحدودة.
بالرغم من تلك الحقائق الصادمة ، مازال هناك بعض المدن التي ينبثق منها الأمل لأنها تطبق الاستراتيجيات والابتكارات الحديثة التى يمكن من خلالها تحقيق التنمية المستدامة،وذلك لأن تلك المدن التي ظهرت إلى النور أو الأخرى التى ما زالت تحت الإنشاء او التصميم هي مدن مستدامة وذكية.
1- كوبنهاجن (عاصمة الدنمارك) “Copenhagen”
تهدف كوبنهاجن إلى أن تكون أول عاصمة خالية من الكربون تماماً بحلول عام 2025، وإحدى الوسائل التي تطبقها لتحقيق ذلك الهدف هو العمل من خلال قطاع النقل عبر العشرة سنوات الماضية،حيث استثمرت كوبنهاجن أكثر من ثلاثمائة مليون دولار في إعداد بنية تحتية توفر مسارات رائعة للدراجات الهوائية كما فرضت إيضاً الحكومة الدنماركية ضرائب عالية على امتلاك السيارات والدراجات البخارية لتحفيز السكان على استخدام الدراجات الهوائية.
ولايتعارض ذلك مع تطلعات سكان المدينة ولا يوجد لديهم مشكلة فى تقبل ذلك، لأن وسائل النقل العام ممتازة ومسارات الدراجات الهوائية تغطي كل المدينة.
حتي وصل عدد الدراجات خمس أضعاف عدد السيارات، ولقد ساعد على ذلك الربط العبقري للمباني بمسارات وممرات للدراجات والتي تمر فى محيطها ومن داخلها ،و افضل مثال علي ذلك ما هو منفذ فى مبني “The Eighth House in the Oersted District”
هذا المبنى الذي قد تم تصميمه من قبل كبار المعماريين ولقد حقق انجاز كبير واستثنائي في ترشيد وكفاءة الطاقة.
حيث يسمح تصميم المبنى الواقع فى تلك المنطقة الباردة من اوروبا بأن تستفيد جميع وحداته من التدفئة السلبية من حرارة الشمس “passive solar heating” ، بينما يقوم السطح الأخضر “Green roof” بتوفير عزل جيد للمبنى يمكنه من الاحتفاظ بالحرارة.
كل تحركات التطور العمراني في كوبنهاجن تضع البيئة في الأولوية دائماً،على سبيل المثال مبني المدرسة الدولية فى North Haven District،تم تغليفه بعدد 12 ألف لوحة شمسية تعمل كمصدر للطاقة المتجددة يغطى نصف احتياجات المدرسة من الطاقة،وإيضاً يساعد وجود هذا المصدر الرائع للطاقة على تعليم أطفال المدرسة أهمية الطاقة المتجددة.
ولكن لم يقتصر الأمر على أطفال المدرسة فقط ولكنت وسع ليشمل سكان المدينة بالكامل وذلك لتوعيتهم عن اهمية الاستدامة والطاقة المتجددة من خلال تنظيم المدرسة للزيارات التعليمية ومحاضرات التوعية والمعارض المصاحبة لتلك الزيارات.
وتساعد ايضاً تلك المعارض والمحاضرات علي توعية السكان عن الهندسة المعمارية الصديقة للبيئة ،والمثال علي ذلك هو محطة توليد الطاقة من المخلفات (الطاقة الحيوية )”Waste to energy power plant” ، والتي ابتكرت ونفذت منحدر تزلج على سطحها يسمح للزوار بالاقتراب من محطات توليد الطاقة لكي يطلعوا عن قرب على الجهد المبذول فيها مما يعظم لديهم الشعور بالمسؤولية عند استهلاك الطاقة.
داخل تلك المحطة الرائعة يتم سنوياً تحويل أربعين طن من المخلفات إلى طاقة نظيفة.
و لم يكتفى الدنماركيون بهذا الجهد الكبير الداعم للاستدامة ولكنهم أيضاً يسعون للريادة في استخدام طاقة الرياح ، وقد استثمروا مؤخرًا أكثر من مليار دولار في توربينات الرياح البحرية “Offshore wind turbines”.
2- مدينة سنغافورة “Singapore”
العاصمة السنغافورية والتي صنفت كأفضل المدن الخضراء في قارةآسيا.
تضم هذه المدينة مجموعة كبيرة من المعالم المعمارية الرائعة واشهرها هو “Marina Bay Sands”
عند زيارة سنغافورة لأول مرة قد تتعجب كيف أن تلك المدينة الحاصلة علي اعلي تقييمات الاستدامة تضم هذا العدد الكبير من المباني العملاقة والمشهور عنها بتسببها بالضرر للبيئىة، ولكن عند تأمل واستكشاف تفاصيل تلك المباني الضخمة ستكتشف أنهاقد راعت دمج الطبيع مع التصميم المعماري،وهذا التناغم البيئى الرائع هو من احد اسباب ان سنغافورة يزورها أكثر من 19 مليون سائح سنوياً و عدد أكبر من العدد الذي يزور أكبر العواصم الأوروبية،لأن اشهر معالم الجذب السياحي في سنغافورة تحرص على مفهوم الصداقة للبيئة “Eco-driven concept” .
على سبيل المثال ، الغابة السحابية “Singapore Cloud Forest” الموجودة في الحدائق المجاورة للخليج ،عندما تقوم بزيارتها تأخذك في رحلة عبر الطبيعة لتظهر لك كل جمالها و في نهاية الرحلة ، توضح لك الدمار الذي يسببه البشر لعالم الطبيعة، وهو ما يحمسك لتقديم المساعدة.
وجود مثل هذا التعليم البيئي للسياح ، يعني أن سنغافورة قادرة على إحداث تأثيرات واسعة النطاق عالميا من خلال جهودها نحو الاستدامة.
وبعيداً عن مناطق الجذب السياحي الرائعة ،تم تصنيف سنغافورة كواحدة من أكثر بلدان العالم تحقيقاً الاستدامة المجتمعية “Social Sustainability“.
حققت سنغافورة ذلك من خلال تمكنها من توفير المساكن العامة “Public Housing” لحوالي 80% من سكانها.تلك المساكن العامة (الإسكان الاجتماعي) تساعد العائلات على عدم التعرض لمشكلات التشرد الناشئة عن عدم توفر المأوى ،والمشاكل الأخرى المتعلقة بعدم الاستقرار السكني.
لقد ساهم هذا النهج أيضا فى تقديم دعم كبير للاقتصاد السنغافوري مما جعله من أنجح الاقتصادات على مستوى العالم.
ذلك الاستقرار الاقتصادي ساعد سنغافورة فى تكريس اهتمامها على المشاكل البيئية بدلا من الانخراط في المشاكل الاقتصادية والماليه.
بالرغم من قلة توفر المتنفسات الطبيعية وتزايد الكثافة السكانية ،تمكنت سنغافورة من توفير مسطحات خضراء كافية.
فى الحقيقة،تغطي المسطحات الخضراء أكثر من 47% من مساحة سنغافورة.
تمتد هذه المسطحات الخضراء إلى أعلى المباني مما يشكل حدائق جديدة في السماء.
لا نستطيع القول بأن سنغافورة وكوبنهاجن هم أكثر المدن استدامة في العالم،لأن هناك الكثير من المدن الأخرى التي لا تتوقف عن العمل على الصعيد البيئي وحققت نجاحات كبيرة في الاستدامة،مثل:
3- ريكيافيك عاصمة ايسلندا “Reykjavik Capital of Iceland”
إذا ورد الحديث عن الطاقة المتجددة ،يجب البدء بتلك المدينة والتي تنتج كامل احتياجاتها من الطاقة (100%) من الطاقة المتجددة ،مثل الطاقة الحرارية الجوفية “Geothermal” والطاقة الكهرومائية “Hydropower” ،ومع ذلك،لأن المدينة لا تحمل على أرضها عدد السكان المتناسب مع عدد سكان المدن الكبرى الأخرى،فلن يكون عادلاً وصفها بلقب أكثر المدن المستدامة.
4- برلين-عاصمة المانيا
العاصمة الألمانية التى يشتهر عنها اهتمامها الكبير بالاستدامة الزراعية “Sustainable agriculture”
يتم دعم إنتاج الغذاء المحلي في جميع أنحاء المدينة ، من خلال الزراعة الحضرية “Urban farming”، ويتم تصنيفها كواحدة من أكثر المدن الصديقة للنباتيين في العالم ، كما أن استهلاك الأغذية العضوية يزداد فيها بشكل كبير.
تتميز برلين بتزايد اعتمادها على الطاقة المتجددة،والمباني الحكومية فيها يتم تغذيتها بالطاقة من اللوحات الشمسية ويتم تدفئتها من المضخات الحرارية الأرضية “Ground Source Heat pumps”
5- ستوكهولم وهلسنكي وأوسلو
“Stockholm, Helsinki & Oslo”
تمثل تلك العواصم الثلاثة من الدول الاسكندنافية أمثلة رائعة على المدن المستدامة،حيث انهم قد تبنو وعودا بتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 95% بحلول عام 2030.
يوجد العديد من المدن الأخرى حول العالم التى تعمل على تحقيق معايير الأمم المتحدة للتنمية المستدامة،ونتمنى ان تحذو حذوها بقية مدن العالم وخصوصاً في منطقتنا العربية .
يمكنكم إخبارنا عن المدن المستدامة التى تعرفونها وانتظرونا فى المزيد عن المدن المستدامة حول العالم.
ساهم في نشر العلم والمعرفة:
Facebook LinkedIn X Telegram WhatsApp Threads
يسعدنا تلقى تعليقاتكم: